للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معنى قنوت المرأة لزوجها]

{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ} [النساء:٣٤] أي: مطيعات.

استدل هذه الآية على مشروعية خدمة المرأة لزوجها، لأن الصالحات قانتات -أي: مطيعات- فإذا أمرها أن تطيعه أطاعته، ومن العلماء من أوردها فيما يستدل به على وجوب خدمة المرأة لزوجها وليس على المشروعية فحسب بل على الوجوب لكن الآية ليست صريحة في إيجاب خدمة المرأة لزوجها، إنما قوله: {قَانِتَاتٌ} [النساء:٣٤] وإن قررنا أن معناها: مطيعات، فمطيعات في أداء الحق الذي للزوج عليها، ولسن مطيعات على الإطلاق إنما للزوج عليها حق، ولنفسها عليها حق، ولربها عليها حق، ولرحمها عليها حق، فهي قانتة مطيعة للزوج في الذي له عليها، ولو قال: إنها مطيعة للزوج في كل شيء، إذا أمرها مثلاً بشيء ليس من حقه بل هو من حق الله فلا تطيعه، وإذا أمرها أن تأخذ من حاجبها -مثلاً- لا تطيعه ولا كرامة، فالرسول لعن النامصة المتنمصة، وإذا أمرها أن تعطيه كل مالها أو شيئاً من مالها فلها أن ترفض؛ لأن هذا المال حقها، وإذا قال لها: اصبري عليّ حتى أضربك، بلا سبب، فليس له ذلك؛ لأن هذا بدنها ولا تستحق أن تضرب إلا إذا كان ثم سبب يستدعي ذلك، فلما كان المال من حقها كذلك بدنها من حقها.

إذاً: الآية ليست صريحة في إيجاب الخدمة على الزوجة، وإلا لقال لها الزوج: اعملي في حمالة للحجارة، فلا نستطيع أن نوجب الخدمة لهذه الآية الكريمة.

والأثر الوارد عن علي رضي الله عنه الذي احتج به بعض العلماء على إيجاب خدمة المرأة لزوجها، والذي فيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى على علي بالخدمة الظاهرة وعلى فاطمة بالخدمة الباطنة) فهذا الأثر مرسل لا يثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بهذا اللفظ، فراويه عاصم بن ذمرة تابعي لم يرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالأثر مرسل، وإنما الثابت في الصحيحين، (أن فاطمة جاءت تشتكي أثر الرحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتسأله خادماً فقال: هل أدلك على ما هو خير لكِ من خادم؟ تسبحين وتحمدين وتكبرين ثلاثاً وثلاثين فهو خير لكِ من خادم) فهذا الحديث فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشدها فقط إلى الخيرية وإلى الأفضل والأكمل.

والمسألة فيها بحث طويل، والجمهور: على أن خدمة المرأة لزوجها على الاستحباب.

نقله عنهم النووي والبيهقي وابن حجر وغيرهم من أهل العلم، ومن العلماء من رد المسألة إلى الأعراف، ومنهم من قال بالوجوب، والله سبحانه وتعالى أعلم.

((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ)) [النساء:٣٤] أي: مطيعات، وإن لم تكن خدمة المرأة لزوجها واجبة، فهي على أقل الأحوال مستحبة، فإذا خدمته أجرت.