للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[هلاك الأمم المكذبة]

{وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأُولَى * وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى} [النجم:٥٠-٥١] .

أي: ما أبقاها هي الأخرى، فهذه كلمات موجزة دلت على إهلاك الله لأمم طاغية أشد الطغيان، فأُجمِل أمرها في كلمة واحدة.

فعاد تلك القبيلة العاتية عبِّر عن تدميرها بكلمة واحدة فصيحة، وهذا من بلاغة القرآن الكريم: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأُولَى} ، وقبيلة أخرى يُعبَّر عن تدميرها أيضاً بكلمة واحدة قال تعالى: {وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى} .

وقبيلة ثالثة: وهي قبيلة نوح قال تعالى: {وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى * وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى} [النجم:٥٢-٥٣] .

فقبائل وشعوب وقرون عاتية في الظلم والجبروت، يُعبر عن إهلاكها بكلمة واحدة، ويضرب عنها الذكر صفحاً إلى أن تلقى ربها سبحانه وتعالى يوم القيامة.

والقبيلة الرابعة: قوم لوط قال تعالى: {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى} [النجم:٥٣] .

فالمؤتفكات: هي مدائن قوم لوط، والمؤتفكة هنا كبرى مدائن قوم لوط، وهي التي ذكِرت في قوله تعالى: {وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ} [الحاقة:٩] ، أي: والمؤتفكات أيضاً جاءوا بالخاطئة.

والمراد بقوله: {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى} [النجم:٥٣] ، أنّ هذه المؤتفكات -مدائن قوم لوط- أهواها الله سبحانه، قال جمهور المفسرين: اقتُلِعت أرضهم وارتفعت إلى السماء، وجعل الله سبحانه وتعالى عاليها سافلها حتى سُمِع للصبيان صياح، وللكلاب نباح، وقُلبت رأساً على عقب، وأتبعت كما قال سبحانه بحجارة من سجيل منضود.

وقوله: {فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى} [النجم:٥٤] ، أي: حل بها ما حل، ونزل بها من العذاب والبلاء والكرب ما نزل، فغشاها وأصابها ما أصابها، ولحق بها ما لحق بها، و (ما) هنا لتعظيم الذي لحق بها، وبيان عظم الدمار الذي لحق بها، وعظم العذاب الذي حل بها.