[تفسير قوله تعالى:(اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها)]
قال تعالى:{اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}[الحديد:١٧] .
اختلف العلماء في وجه الربط بين قوله تعالى:((أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا)) ، وقوله تعالى:((اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا)) ؟ فمن أهل العلم من قال: لا يلزم أن يكون هناك ربطٌ بين الآية والآية التي تليها، لكن أحياناً يكون هناك ارتباطٌ وثيق، وهنا ارتباط وثيق بين هذه الآية والتي تقدمتها، فالله يقول:((اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا)) أي: فكما أن الأرض يحييها الله سبحانه وتعالى بالماء الذي ينزل من السماء فكذلك القلوب يحييها الله سبحانه وتعالى بالوحي الذي ينزل من السماء.
وقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم ما نزل عليه بالغيث في قوله:(مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيثٍ أصاب أرضاً) .
الحديث، فكما أن الأرض يحييها الله سبحانه وتعالى بالماء فكذلك القلوب يحييها الله سبحانه وتعالى بالإيمان، ويحييها الله بالوحي وبالقرآن، قال الله سبحانه:{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأنعام:١٢٢] .
{اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} أي: أحياها الله سبحانه بهذا الوحي، قال جبير بن مطعم: مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ سورة الطور، وكنت آنذاك مشركاً، فلما قرأ قوله تعالى:{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ}[الطور:٣٥] كاد قلبي أن يتصدع، وفي الرواية الأخرى: أن يطير، {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}[الحديد:١٧] .