[الحكمة من التكرير في قوله تعالى:(ولا أنا عابد ما عبدتم)]
قال تعالى:{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ}[الكافرون:١-٤] ، لماذا هذا التكرير؟ من العلماء من يقول: إن التكرير للتأكيد، كما في قوله تعالى:{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}[الشرح:٦] ، تأكيداً على أن العسر يتبعه يسر، وكما قال تعالى:{كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ}[التكاثر:٣-٤] ، وكما قال تعالى:{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}[المرسلات:٢٤] ، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم، لما استأذنه آل أبي جهل في تزويج ابنتهم لـ علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال:(لا آذن، ثم لا آذن، ثم لا آذن) ، وكما في قول النبي صلى الله عليه وسلم:(ألا وقول الزور، ألا وقول الزور، ألا وقول الزور) ، وكما في قول الشاعر: يا علقمة يا علقمة يا علقمة خير تميم كلها وأكرمه وكما قال الآخر: يا أقرع بن حابس يا أقرع إنك إن يصرع أخوك تصرع وهكذا فالتكرير يكون للتأكيد، فمن العلماء من قال: إن التكرير {لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}[الكافرون:٢] حتى يقطع أمل المشركين ورجاءهم في إيمان الرسول بآلهتهم، أو في عبادة الرسول لآلهتهم.
{لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}[الكافرون:٢] أي: الآن، ثم قال في المرة الثانية:{وَلا أَنَا عَابِدٌ}[الكافرون:٤] أي: في المستقبل {مَا عَبَدتُّمْ}[الكافرون:٤] يعني: لا الآن ولا في المستقبل ولا في مقدم حياتي.