هذه الآية أصل في القوامة -قوامة الرجل على المرأة- {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}[النساء:٣٤] فأفادت الآية الكريمة: أن الرجال قوامون على النساء بشيئين: الشيء الأول: {بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}[النساء:٣٤] أي: من الذكورية التي يؤتاها الرجل والقوة والعقل والجلادة والصبر ونحو ذلك، وهذا الشيء المرأة لا تناله، فجبلتها لا تساعدها على ذلك، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم:(أليس شهادة المرأة تعدل نصف شهادة الرجل؟) فعقلها لا يكافئ عقل الرجل، وقد قال الله فيهن:{أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ}[الزخرف:١٨] وكذلك حزمها لا يكافئ حزم الرجل، فكما قال القائل: إذا أمرت أن تقطع يد سارق وتحسمها في الزيت، فإذا جاءت تقطع يد السارق وبكى أمامها، أو وضعت يده في الزيت وبكى أمامها هربت وتركت القطع والحسم في الزيت، فجبلة الرجل غير جبلة المرأة، وقد قال الله تبارك وتعالى:((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ)) [النساء:٣٤] بشيئين: - {بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}[النساء:٣٤] من ناحية القوة والعقل والاتزان والرزانة وما آتاه الله الرجل في جبلته.
الشيء الثاني:{وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}[النساء:٣٤] , في الصداق والنفقة في المعيشة.
ومن ذلك -كما قدمنا سالفاً- أن المرأة إذا كانت هي التي تنفق على الرجل فهي تنازعه القوامة، وصحيح أن الله فضله عليها بأشياء جبلية، لكن هي بدأت تنازع بالإنفاق عليه من أموالها، فلكي يكون الرجل تام القوامة على امرأته لابد أن يكون هو الذي ينفق، وهو الذي يرشد ويوجه، أما إذا شاركت هي بشيء وهذا جائز، فالله تعالى يقول:{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا}[النساء:٤] وقال الرسول صلى الله عليه وسلم لـ زينب امرأة عبد الله بن مسعود: (زوجك وولدك أحق من تصدقتي عليهم) إذا شاركت فقد نازعت في القوامة.