للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عفو يوسف عن إخوته]

قال: {أَنَا يُوسُفُ وَهذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا} [يوسف:٩٠] ، فنسب الفضل إلى مسديه وهو الله سبحانه وتعالى، {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللَّهِ} [النحل:٥٣] ، {أَنَا يُوسُفُ وَهذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا} ، فالمنة لله وحده، والفضل لله وحده، {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف:٩٠] ، درس آخر نتعلمه من نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام.

{قَالُوا تَاللَّهِ} [يوسف:٩١] أي: والله {لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} [يوسف:٩١] ، أي: فضلك الله علينا وإن كنا لخاطئين، اعتراف منهم بالذنب في كلمة قصيرة موجزة، ولكن بعد ماذا؟ بعد أن قطعوا الأرحام، وفرقوا بينهم وبين أخيهم يوسف، وفرقوا بين الوالد وولده، فبعد أن قطعوا الأرحام وتسببوا في ذهاب بصر أبيهم، قالوا كلمة: {تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} [يوسف:٩١] ، فبماذا يجيب يوسف هذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام؟! قال يوسف معلماً لنا ومبيناً كيف تكون الأخلاق قال يوسف محسناً عافياً عن إخوته قال: {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} [يوسف:٩٢] ، أي: لا تعيير ولا توبيخ مني أبداً عليكم! قضي الأمر، لا تتوقعوا بعد ذلك مني توبيخاً ولا تأنيباً ولا تجريجاً بكم، ولا تشهيراً أبداً، {يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف:٩٢] .

وهذا شأن المحسنين، يقابلون السيئة بالحسنة: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت:٣٤] ، بهذا تنال الدرجات العلى من الجنان، {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:١٣٤] ، {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف:٩٢] ، يغفر الله لكم ما قدمتموه، وهو أرحم الراحمين.