للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم من فاته بعض التكبيرات في صلاة الجنازة]

السؤال

رجل دخل ليصلي الجنازة وقد سُبق ببعض التكبيرات فإذا كبر معهم ماذا يصنع؟

الجواب

هذه المسألة كنا نفتي فيها أولاً بأحد شيئين: قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) ، فنقول: إما أن تكبر: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر إلى أن تتحد مع الإمام في التكبيرة التي هو فيها، إذ القراءة بين التكبيرات ليست بواجبة؛ لأن هذا قول، فتكبر عدة مرات وبعدها تتفق مع الإمام وتفعل ما يفعل الإمام، أو الرأي الآخر: كبِّر واصنع كما يصنع الإمام، وما فاتك فأَتِم بعد الإمام، لكن بعد مراجعة صفة صلاة الجنازة باتساع، ورد أن الرسول عليه الصلاة والسلام كبَّر على الجنازة أربع تكبيرات، وورد أنه صلى الله عليه وسلم في حديث زيد بن أرقم عند مسلم صلى على الجنازة فكبر خمس تكبيرات، ومن العلماء من يدعي أن الخمس منسوخة، لكن رد ذلك بأن: حديثها ثابت في مسلم، والقول بالتنويع أولى من القول بالنسخ.

لكن الآثار عن السلف الصالح من الصحابة والتابعين أفادت أشياء تريح الصدر جداً، منها أن من السلف من كان يكبر على الجنازة تسعاً، ومنهم من كان يكبر عليها سبعاً، ومنهم من كان يرى التكبير ثلاثاً، ومنهم من كبر على الجنازة مرتين، ومنهم من يرى قراءة الفاتحة في الصلاة على الجنازة، ومنهم من لا يرى قراءة الفاتحة في الصلاة على الجنازة، يعني: ورد أن بعضهم كان يدخل التكبير ومباشرة يدعو للميت، وورد أن بعضهم كان يكبِّر ويصلي على رسول الله ويدعو للميت، فالمسألة أصبح فيها اتساع، حتى روى ابن عباس -كما في البخاري - أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أُتِي إليه بجنازة فصلى عليها، وجهر بفاتحة الكتاب، وقال: إنما جهرت بفاتحة الكتاب لتعلموا أنها سنة، فلم أجد أحداً من العلماء قال ببطلان الصلاة على الجنازة إذا لم تقرأ فيها بالفاتحة، فليست الفاتحة ركناً من أركان الصلاة على الجنازة كما أنها ركن من أركان الصلوات المعتادة، بينهما خلاف، فجهر ابن عباس وقوله: لتعلموا أنها سنة، ليس صريحاً في الإيجاب، ثم يدل على أن منهم من كان لا يصنعها أصلاً، فالأمر في ذلك واسع، والله أعلم.