الحمد لله رب العالمين، وصلى الله عليه وسلم الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد: فيقول الله سبحانه وتعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ}[يوسف:٤٣] ، هذا يقوله ملك مصر لملئه وحاشيته، {إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ} ، أي: في رؤيا منامية، {يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ} ، أي: ضعاف هزال، وهذا منظر ملفت للنظر: أن يرى شخص رؤيا مؤداها: أن سبع بقرات هزال يأتين على سبع سمان فيأكلنهن.
{وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ}[يوسف:٤٣] ، والملأ: هم الأشراف، {أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ}[يوسف:٤٣] ، أي: أولوا لي رؤياي وعبروها لي، {إِنْ كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}[يوسف:٤٣] ، إن كنتم من أهل العلم بتعبير الرؤى، لكنهم قالوا مقولة من لا علم له بهذا الباب:{قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ}[يوسف:٤٤] ، ومرادهم بالأضغاث: الأخلاط، أي: أخلاط من التي تأتي المرأ في نومه، والضغث: هو الخليط، والضغث أيضاً جاء في قوله تعالى:{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ}[ص:٤٤] ، {وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ بِعَالِمِينَ}[يوسف:٤٤] ، وهذه رؤيا قد ساقها الله إلى هذا الملك لأمر يريده ويدبره الله سبحانه، فالله هو الذي يدبر الأمر من السماء إلى الأرض.