(نزل عليكم في الكتاب) : فُسر ذلك بالذي ورد في سورة الأنعام، فسورة الأنعام وإن كانت في ترتيب المصحف بعد سورة النساء إلا أن سورة النساء نزلت بعد الأنعام، وسورة النساء وإن كانت الثالثة في المصحف إلا أنها نزلت بعد الأنعام التي وردت بعدها بسورة.
فترتيب المصحف الذي هو بين أيدينا ليس ترتيباً زمنياً، فأول ما نزل سورة العلق، ولكن الفاتحة وضعت أول شيء وهي مكية، ثم ثنيت وأتبعت بالبقرة وهي مدنية، فترتيب المصحف على النحو الذي هو عليه الآن ليس ترتيباً زمنياً.
فالشاهد أن الله قال:(وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ) وذلك في قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى}[الأنعام:٦٨] بعد أن تتذكر وبعد ما جاءك من هذه الموعظة {مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}[الأنعام:٦٨] .
فهذا تأويل قوله تعالى:(وقد نزل عليكم في الكتاب) كما حرره كثير من أهل التفسير.