للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل قيام الليل من الكتاب والسنة]

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ} [المزمل:١-٣] أي: نصف الليل، {أَوِ انْقُصْ) [المزمل:٣] أي: انقص من هذا النصف {أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل:٣-٤] .

قيام الليل دأب الصالحين، قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} [السجدة:١٦] ، وقال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [الزمر:٩] ، وقال سبحانه في شأن عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان:٦٤] ، وقال تعالى في شأن أهل الكتاب أيضاً: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [آل عمران:١١٣] ، فجاءت الأدلة متواترة ومترادفة تحث على قيام الليل، فقد جاء في خبر عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إنه دأب الصالحين من قبلكم) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه: (من يوقظ صواحب الحجرات كي يصلين؟ يا رُب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة) ، وقال عليه الصلاة والسلام: (رحم الله رجلاً قام من الليل يصلي فأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل تصلي، فأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء) ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من قيام الليل ويطيل القراءة لنفسه غاية الإطالة، فقد قام عليه الصلاة والسلام مرة من الليل يصلي، ودخل ابن مسعود معه، فافتتح الرسول عليه الصلاة والسلام القراءة بالبقرة -بعد الفاتحة- ثم بالنساء ثم بآل عمرآن، ثلاث سور طوال قرأها النبي صلى الله عليه وسلم في ركعة واحدة! (وكان يسجد قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية عليه الصلاة والسلام) ولا بد من معرفة صفة وعدد ركعات قيام الليل، ومن المعلوم أن من الأصول التي ينبغي الرجوع إليها دائماً أن الأحكام لا تؤخذ من حديث واحد من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما تؤخذ الأحكام من مجموع الأدلة الواردة في المسألة الواحدة، وتؤخذ أيضاً من عمومات شرعية تتعلق بالمسألة.