[تفسير قوله تعالى:(إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات)]
باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
وبعد: يقول الله سبحانه في كتابه الكريم: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}[النساء:٥٨] .
قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ} الأمر لمن؟ ظاهر الآية يفيد أن الأمر لعموم الناس.
ومن أهل العلم من قال: هو أمر لعموم المؤمنين، وهذا مبني على قاعدة وهي: هل الكفار مخاطبون بنصوص الشريعة وبفروع الشريعة أو ليسوا مخاطبين بها؟ من أهل العلم من قال: إن الأمر للناس كلهم، وهذا كما سمعتم مبني على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، وهي مسألة خلافية، وكون الكفار مخاطبين بنصوص الشريعة أو غير مخاطبين بها تنبني عليها جملة أحكام فقهية لا يتسع الوقت لسردها كطلاق المشرك إذا أسلم، فعلى القول بإن تارك الصلاة كافر مشرك، فلو طلق زوجته أثناء تركه للصلاة ثم أسلم بالصلاة، هل تعتبر تطليقاته التي طلق بها زوجته؟ مسائل متعددة تنبني على هذه القاعدة، لكن لا ندخل فيها.
شاهدنا الآن:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} فيها أقوال: قال فريق من أهل العلم: إنها خاصة بالمؤمنين.
وقال فريق منهم: إنها للناس كافة.
ومن العلماء من قال: إن هذا كان خطاباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كان قد أخذ مفتاح الكعبة من حجبتها وهم بعض بني شيبة، فجاء الأمر من الله للنبي أن يرد لهم مفاتيح الكعبة، لكن الآية أعم من ذلك.