[تفسير قوله تعالى:(إن الذين يرمون المحصنات الغافلات.]
ثم قال تعالى مؤدباً الذين يخوضون بألسنتهم في أعراض أهل الإيمان:{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النور:٢٣] .
(الذين يرمون المحصنات) أي: العفيفات، (الغافلات) أي: اللواتي لا يشعرن بالشر ولا يشعرن بالتهمة التي اتهمن بها، كامرأة جالسة في بيتها لا تعرف شيئاً عن الشر، وإذا بشخص ماجن فاجر يرميها بالزنا، وهي غافلة عما رميت به.
{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ} ، ومن يرمي من يرمي غير الغافلات أيضاً داخل فيها، ويدخل في الآية أيضاً الذين يرمون الرجال بالإجماع، فكل من رمى رجلاً بالزنا تنسحب عليه هذه الآية أيضاً.
(لعنوا) أي: أبعدوا عن رحمة الله، وطردوا {فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النور:٢٣] ، أصل العذاب المنع، يقال: أعذبوا نساءكم، أي: امنعوهن من الخروج.
{يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ}[النور:٢٤] التي طعنوا بها في المؤمنات {وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[النور:٢٤] ، فاليد تشهد، والرجل تشهد، واللسان يشهد، إذا أشرت أن امرأة زنت بيديك فكذلك الحكم ينسحب عليك، إذا مشيت برجليك تنقل الطعون في المؤمنين والمؤمنات، شهدت عليك رجلاك، وشهد عليك لسانك، وشهدت عليك يداك.
{يَوْمَئِذٍ}[النور:٢٥] أي: يوم القيامة {يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ}[النور:٢٥] أي: جزاءهم الذي يستحقونه {وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ}[النور:٢٥] .