للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (فمن لم يجد فصيام شهرين.]

قال الله سبحانه وتعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [المجادلة:٤] ، المراد: بالشهور العربية، وليس بالشهور الميلادية، فإن كان الهلال يتراءى فابنِ على رؤية الهلال، وإن كان الهلال مهملاً لا يتراءى في أكثر الشهور، فقال كثير من العلماء: تصوم ثمانية وخمسين يوماً، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (الشهر هكذا، الشهر هكذا، الشهر هكذا، وخنس الإبهام في الثالثة -أي: تسعة وعشرون يوماً- فإذا غم عليكم فأتموا عدة شعبان ثلاثين يوماً) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

{فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ} [المجادلة:٤] ، والاستطاعة في الحقيقة يعلمها ربك، فكثير من الشباب يفعل فعلة تستوجب الصيام، والله يعلم من حاله أنه يطيق الصيام، فيتجه إلى الإطعام، فليعلم مثل هذا أن الاتجاه إلى الإطعام مع استطاعة الصيام لا يجزئ؛ لأن الله يقول: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ} [المجادلة:٤] .

فكذلك أصحاب الكفارات الأخرى، مثل: المجامع في رمضان، وقاتل الخطأ، كأن يصدم شخصاً بسيارته فيموت المصدوم، كل هؤلاء في حقهم الكفارة المغلظة التي هي صيام شهرين متتابعين، فمن لم يستطع فحينئذ يتجه إلى إطعام ستين مسكيناً، {ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} [المجادلة:٤] أي: فلا تعتدوها ولا تتخطوها، {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المجادلة:٤] عافانا الله وإياكم منه!