قال تعالى:{فِي جِيدِهَا}[المسد:٥] أي: في عنقها، {حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ}[المسد:٥] : المسد فيه أقوال: قيل: إن المسد هو: النار، أي: في رقبتها حبل من نار {جَزَاءً وِفَاقاً}[النبأ:٢٦] ، فكما كانت تحمل الحبل في رقبتها وتربط فيه الحطب الذي تؤذي به رسول الله، فكذلك في النار سيكون في رقبتها حبل.
وقيل: إن الحبل من مسد: الحبل من الليف، فالمسد هو الليف.
وقيل: إن المسد هو السلسلة المذكورة في قوله تعالى: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ}[الحاقة:٣٠-٣٢] .
فقوله:{فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ}[المسد:٥] أي: يوم القيامة، وهذا يفيد أن الجزاء دائماً من جنس العمل، فكما كانت تربط في رقبتها حبلاً وتربط به الشوك الذي تلقيه في طريق رسول الله، كذلك يُربط في رقبتها حبل من نار يوم القيامة، والجزاء من جنس العمل.
كذلك كما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً}[المدثر:١٧] ، لما فكر وقدر وشخص ببصره إلى أعلى وخفض وأدبر واستكبر، قال الله سبحانه:{سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً}[المدثر:١٧] أي: سيطلع وينزل ويصعد في جهنم ويُرهَق؛ لأن الصعود يُرهِق، فالصعود في النار أشد إرهاقاً؛ لأن المقرر أن الجزاء من جنس العمل.
وعلى ذلك جملة أدلة في الخير أو في الشر، كقوله عليه الصلاة والسلام:(من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه) ، (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) ، (ارحموا تُرحموا) ، (اغفروا يُغفر لكم) ، (يُحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر يطؤهم الناس بأخفافهم) .