{اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ}[النور:٣٥]{اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}[النور:٣٥] من العلماء من قال: أي منور السماوات والأرض، وفيه حديث النبي صلى الله عليه وسلم:(حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه) وفي الحديث: (اللهم لك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ... ) الحديث.
وفي الباب قوله تعالى:{وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ}[الزمر:٦٩] .
{اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}[النور:٣٥] ثم ضرب لنوره مثلاً، والأمثال يتجوز فيها بعض التجوز عند المفسرين، فلا يلزم أن يتحد المفسرون على وجه واحد في تفسير المثل، بل في هذا الباب فسحة لأهل التفسير ما لم يخالفوا نصاً شرعياً أو أصلاً من الأصول في الكتاب والسنة، فلهم فسحة في تفسير الأمثال وتقريبها إلى الأذهان، والله أعلم.
ورب العزة يقول:{وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ}[العنكبوت:٤٣] وكان بعض السلف إذا مر به مثل من الكتاب العزيز ولم يفهمه يتأسف على نفسه ويقول: إن الله عز وجل قال في كتابه الكريم: {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ}[العنكبوت:٤٣] فعلى ذلك ليس هو من العالمين إذا لم يفهم المثل.
{مَثَلُ نُورِهِ}[النور:٣٥] قال بعض العلماء: هنا مضمر، والتقدير: مثل نوره في قلب المؤمن كمشكاة فيها مصباح، والمشكاة باتفاق المفسرين على ما ذكره عدد منهم هي الطاقة التي في الغرفة:{كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ}[النور:٣٥] فعندنا الآن غرفة فيها طاقة، والطاقة فيها زجاجة مصباح، عندنا ثلاثة أشياء أو أربعة، غرفة بداخلها طاقة أي: كوة كالتي كانت من قبل في بيوت أهل القرى، هذه الطاقة فيها زجاجة، الزجاجة زجاجة مصباح وبداخلها المصباح، وفتيلة مصباح موضوعة في الزجاجة.
{مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ}[النور:٣٥] المشكاة مثل لها بعض العلماء بصدر العبد، والزجاجة التي بداخل المشكاة هي قلب العبد، ونور المصباح هو نور الإيمان الذي في القلب، هذا تفسير بعض أهل العلم، وهو مضمون تفسير ابن القيم رحمه الله تعالى، في تفسيره القيم وفي غيره.
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.