{لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ}[النور:٥٥] أي: سيمكن الله عز وجل لهذا الدين، والدين هو: الإسلام كما في قوله تعالى -على منهج الذين يفسرون القرآن بالقرآن وهو منهج جيد-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا}[المائدة:٣] .
{وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ} أي: أن راية الإسلام ستعلو، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(ما من بيت وبر ولا مدر إلا وسيدخله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل) أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الله سبحانه:{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}[التوبة:٣٣] ، وهذا قد كان في زمن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وسيكون أيضاً بين يدي الساعة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث التي وردت في أشراط الساعة وما يتعلق منها بالمهدي، ونزول عيسى صلى الله عليه وسلم.
{وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا}[النور:٥٥] ، فهل كان الصحابة يخافون؟ الإجابة: نعم، كان الصحابة في بداية الأمر يخافون أن يتخطفهم الناس:{وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ}[الأنفال:٢٦] .
قال سبحانه:{يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}[النور:٥٥] من كفر بعد هذا التمكين فأولئك هم الفاسقون.