[المحارم الذين يجوز للمرأة أن تظهر زينتها أمامهم]
{وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور:٣١] البعل يرى كل شيء من المرأة، فقد تقدم بيان بطلان حديث (نظر الرجل إلى فرج امرأته يورث العمى) فهو حديث ضعيف جداً بل حكم البعض بوضعه.
قوله: {أَوْ آبَائِهِنَّ} [النور:٣١] يرى الأب من ابنته كما قال كثير من أهل العلم، ما يظهر منها غالباً، كمواضع الوضوء وشعرها، ورجليها، وذراعيها ونحو ذلك، فهذا هو الذي يظهر غالباً منها، واستدل لهذا القول بحديث ابن عمر رضي الله عنهما في البخاري: (كان الرجال والنساء يتوضئون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم جميعاً) فهذا الحديث إما أن يحمل على ما قبل الحجاب، وإما أن يحمل على المحارم، وفي الحالين يتم الاستدلال به، ولما جاء بعض محارم عائشة يسألها عن غسل النبي صلى الله عليه وسلم فجعلت بينها وبينهم ستراً، فاغتسلت وأظهرت لهم رأسها، وصبت على رأسها الماء، هذا مستند القائلين بأن المحرم يرى ما يظهر من المرأة غالباً كما ذكر.
ثم إن هناك بعض المواطن التي تمتنع المرأة فيها عن إظهار بعض أجزائها أو جسمها لمحرمها، وهذا إذا كان المحرم فاسقاً يخشى منه أن يعتدي على محرمه، فحينئذٍ تتستر المرأة منه دفعاً لشره ولفساده، والنبي عليه الصلاة والسلام قد قال لـ سودة بنت زمعة: (واحتجبي منه يا سودة) أي: من ابن وليدة زمعة والله أعلم.
قوله: {أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ} [النور:٣١] وهو أبو الزوج، أما أن يذهب أبو الخاطب كما يفعل بعض الجهلة يريد أن يرى مخطوبة ابنه قبل العقد، ويطمئن على شكلها وجمالها فليس هذا من حقه، فليس له أن يراها إلا إذا عقد ولده عليها، أما أن يراها وليست هناك صلة محرمية بينهما فلا يجوز له ذلك.
قوله: {أَوْ أَبْنَائِهِنَّ} [النور:٣١] أي: المرأة مع ابنها، ويرى ابنها منها زينتها، هذا الأمر مرده إلى الأعراف السائدة وإلى الملابسات التي تحيط بكل أسرة، فليس معنى أن الابن يرى زينة أمه أنها تتبرج له تبرجاً زائداً مزرياً، فيتحرك الشيطان في نفسه بسبب هذا التبرج، فهنا تتدخل نصوص عامة لتحسم هذه المواقف كقوله تعالى: {وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة:٢٠٥] (لا ضرر ولا ضرار) .
((أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ)) [النور:٣١] أي: ابن الزوج من امرأة أخرى.
((أَوْ إِخْوَانِهِنَّ)) [النور:٣١] أخوها.
((أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ)) [النور:٣١] ابن أخيها أو ابن أختها.
قال بعض أهل العلم: لم يذكر العم والخال لأنه قد ينعت المرأة لأبنائه، وهذا التعليل واه، والله أعلم، والصواب أن السنة قد بينت أن العم والخال له أن يرى أيضاً، وله أن يدخل أيضاً على بنت أخيه أو بنت أخته، من حديث النبي صلى الله عليه وسلم في شأن أفلح أخي أبي العقيس لما كان عماً لـ عائشة من الرضاعة، وعائشة منعته من الدخول عليها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنه عمك ليلج عليك) فإذا كان العم من الرضاعة يدخل فالعم من النسب من باب أولى.
المحارم المذكورون في الآية من النسب، وإذا كانوا من الرضاعة، فيجري عليهم نفس الحكم، يعني: إذا كان الرجل ابنها من الرضاعة وابن أخيها من الرضاعة وابن أختها من الرضاعة، فكل هؤلاء يدخلون عليها أيضاً وتبدي لهم الزينة.