للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إنجاء الله لآل لوط المؤمنين]

قال الله سبحانه: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} [القمر:٣٤] ، أي: في وقت السحر، وهذا الوقت قد أنجى الله سبحانه وتعالى فيه عددا كبيراً من أوليائه رحمهم الله ورضي عنهم، وقت السحر وقت ينزل ربنا سبحانه وتعالى فيه إلى سماء الدنيا، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟) ، فدعاء المحتاجين في هذه الأوقات أقرب إلى الاستجابة منه في غيره، فهناك أوقات مظنة الإجابة فيها أكثر من أوقات أُخر.

قال الله سبحانه وتعالى: {إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ * نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ} [القمر:٣٤-٣٥] ، ألا وهو لوط صلى الله عليه وسلم، جازاه الله بإنجائه وإنجاء أهل بيته وإهلاك أعدائه، نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر، ثم بين الله سبحانه وتعالى أن لوطاً عليه السلام ما قصَّر في النصح، بل أدى صلوات الله وسلامه عليه ما عليه من النصح لقومه، فقال الله سبحانه: {وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا} [القمر:٣٦] خوفهم من عذابنا: {فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ} [القمر:٣٦] ، جادلوا واستخفوا بالنذر، واستخفوا بالعقوبات التي حذرهم منها لوط صلى الله عليه وسلم، وجادلوا في شأن هذه العقوبات، وشككوا أيضاً في وقوعها واستخفوا بها.

{وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ} [القمر:٣٧] طلبوا منه أن يخلي بينهم وبين أضيافه الذين هم الملائكة، وهم لا يعلمون أنهم الملائكة، وقصة المراودة مذكورة في آيات أخر، قال الله: {وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ * قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ * قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود:٧٨-٨٠] الآيات.

فيقول الله سبحانه: {وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ * وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ} [القمر:٣٦-٣٧] قال جمهور المفسرين: ضربهم جبريل صلى الله عليه وسلم بجناحه فأعمى أبصارهم.