للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الزنا كبيرة من الكبائر]

قال الله سبحانه وتعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور:٢] الزنا: كبيرة بالإجماع، وتقدم ضبط وتحديد العلماء للكبيرة: فمن العلماء من قال: إن الكبيرة هي التي نص الرسول صلى الله عليه وسلم على أنها كبيرة، كما قال: (اجتنبوا السبع الموبقات: الإشراك بالله، وقتل النفس ... ) الحديث، وكل ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم نص بأنه كبيرة فيعتبر كبيرة، وهذا القول ظاهره السلامة، ولكن إذا أمعنت النظر تجد أن هناك أموراً متعددة لا تستطيع أنت ولا غيرك أن يصفها بكونها كبيرة أو صغيرة.

مثاله: رجل تزوج بأمه فليس هناك نص صريح يفيد أن من تزوج بأمه ارتكب كبيرة، ولكن الإجماع على أنها كبيرة، ولا شك في ذلك عند العامي قبل العالم، وكذلك الزنا لم يأت فيه نص بعينه أنه من الكبائر، اللهم إلا الزنا بحليلة الجار وهو قسم خاص من أقسام الزنا، فلما سئل النبي صلى الله عليه وسلم: (أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك، قيل ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قيل ثم أي؟ قال: أن تزاني بحليلة جارك) ، لكن عموم الزنا لم يرد نص خاص على أنه كبيرة، لكن الإجماع منعقد على أنه كبيرة، فلذلك حدد بعض أهل العلم الكبيرة بقولهم: هي ما ورد فيها نص عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أو ما ترتب على فاعلها حد في الدنيا، أو ما توعد على فعلها بلعن أو طرد من رحمة الله سبحانه، أو بعذاب النار أو بغضب الله ونحو ذلك.

ولذلك ورد عن ابن عباس أنه قال: (إنها -أي الكبائر- إلى السبعين أقرب منها إلى السبع) هذا وقد جاءت في الزنا جملة نصوص تحذر منه وتبين العقوبة الشديدة لمن فعله، قال سبحانه: {وَلا يَزْنُونَ} والذي يفعل ما ذكر في الآية ومنه الزنا: {يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} [الفرقان:٦٨-٦٩] وعلى ذلك يحمل حديث الرسول عليه الصلاة والسلام: (من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنا وإن سرق) على أنه يدخل الجنة آخراً وإن زنى وإن سرق إذا أخذ قسطه من العذاب في النار إذا لم يغفر الله له.

وقال الله سبحانه: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء:٣٢] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ولكني رأيت البارحة رؤيا: أتاني رجلان فأخذاني.

- الحديث وفيه- فمرا بي على مثل التنور -التنور الذي يخبز فيه وفيه نار- وإذا في أعلى التنور رجال ونساء عراة يأتيهم لهب من أسفل منهم فيحرق فروجهم فيسمع له صياح وضوضاء، فقلت: من هؤلاء؟ فقيل: هؤلاء: الزناة والزواني يا محمد ... ) والحديث في صحيح البخاري وحاصله: أن من عقوبات الزناة أنهم كما استمتعوا بالفروج تأتي النار تحرق هذه الفروج التي استمتعوا بها في الحرام والعياذ بالله.

وجاء في الحديث: (أي الذنب أعظم؟ فقال عليه الصلاة والسلام:.

وأن تزاني بحليلة جارك) .