هذه الآية دليل لمن يقول: إن الإسلام يأتي بمعنى الإيمان؛ لأن الله قال:{فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[الذاريات:٣٥-٣٦] ، وفي الحقيقة أن هذه المسألة سبق الكلام عليها: وهي أن مسمى الإيمان والإسلام قد يتحدان في المعنى وقد يفترقان، فإذا جاءا في سياق واحد افترقا في المعنى، وإذا لم يأتيا في سياق واحد اتحدا في المعنى، ففي حديث جبريل اجتمعا في سياق واحد فأخذ الإيمان معنى أن تؤمن بالله وملائكته إلى آخر الحديث، وأخذ الإسلام معنى آخر: أن تشهد.
إلخ أركان الإسلام الخمسة، فانصرف معنى الإيمان إلى أعمال القلب والإسلام إلى الأعمال الظاهرة، ويدل على ذلك أيضاً: قوله تعالى: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا}[الحجرات:١٤] ، ولكن إذا جاء الإيمان في سياق مستقل، فيشمل أيضاً الإسلام ويكون داخلاً فيه كما جاء في حديث وفد عبد القيس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم:(آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله وحده، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) .