للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[منزلة اليتيم في الشريعة الإسلامية]

قال الله سبحانه وتعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ} [الضحى:٩] من محاسن هذا الدين أن جاءت نصوص الكتاب العزيز ونصوص سنة الرسول صلى الله عليه وسلم بحفظ اليتيم، حفظه في ماله وفي عرضه وفي دمه، وفي كل شيء.

ففي باب الأموال: قال الله سبحانه محذراً أشد التحذير: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء:١٠] ، ذلك أن اليتيم ليس له من يدافع عن حقه غير الله سبحانه وتعالى، وقال تعالى: {وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} [النساء:٢] ، ومهور النساء قد يتساهل فيها، لكن مهر الطفلة اليتيمة خاصة لا يتساهل فيه، ولا يجوز لك أن تأتي إلى طفلة يتيمة وتقول: أنا أزوجها من الأخ فلان بالقرآن، لا يجوز لك هذا أبداً، وإن ظننت أنك على سنة، بل أنت آكل لأموال اليتيمة بالباطل ومضيع لحقها، فالله يقول في شأن اليتيمة خاصة: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} [النساء:٣] أي: في صداق اليتامى: البنات الصغيرات، فلا تتزوجوهن، التقدير: فلا تتزوجوهن، أي: فالنساء سواهن كثير، فلا تقدموا على الزواج بهن إلا إذا أقسطتم لهن، ولا تقدموا على الزواج باليتيمات إلا إذا عدلتم معهن في الصداق، {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} [النساء:٣] ، فالتقدير: فالنساء سواهن كثير، {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء:٣] .

فجاءت الآيات بحفظ مال اليتيم، وكان بعض السلف إذا سئل عن شيء من أمر اليتيم؛ يرد ذلك إلى النيات لقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة:٢٢٠] .

وهل يجوز ضرب اليتيم لتأديبه؟ يعني: إذا كان يتيماً مشاغباً، أو يسرق، أو يسب ويستعمل ألفاظاً قبيحة، يجوز ضربه لمصلحته: {وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة:٢٠٥] .