يقول الله:{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ}[الممتحنة:٤] ، أي: تأسوا بإبراهيم وبالذين مع إبراهيم صلى الله عليه وسلم، ومن هم الذين مع إبراهيم عليه الصلاة والسلام؟ لأهل العلم فيها قولان مشهوران: أحدهما: أن المراد بقوله: {وَالَّذِينَ مَعَهُ}[الممتحنة:٤] ، الأنبياء الذين جاءوا من بعده وهم من ذريته.
القول الآخر: أنهم قوم آمنوا مع إبراهيم صلى الله عليه وسلم، ورجح الأولون قولهم بأن الذين آمنوا مع إبراهيم عليه الصلاة والسلام قلة لا تكاد تذكر، بل لم يذكر أي شخص آمن لإبراهيم عليه السلام إلا لوط وسارة، وسائر أبنائه الذين هم من ذريته كإسحاق وإسماعيل عليهما السلام، أما لوط فلقول الله تعالى:{فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ}[العنكبوت:٢٦] ، وأما زوجته سارة فإنها لما أوشكت أن تدخل على الجبار، قال لها:(إنه ليس في الأرض مسلم غيري وغيرك، فإن سألني عنكِ فسأقول: إنكِ أختي، فأنت أختي في الإسلام، فليس على وجه الأرض مسلم غيري وغيرك) ، فهذا الحديث حمل فريقاً من المفسرين على أن يفسروا:{وَالَّذِينَ مَعَهُ}[الممتحنة:٤] ، أنهم الأنبياء الذين اتبعوه على ملته وشريعته صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لم يكن هناك قوم آمنوا مع إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فلما ألقي في النار خرج منها وما معه أحد من الذين آمنوا به، وقال حينئذٍ:{إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي}[العنكبوت:٢٦] ، {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ}[الصافات:٩٩] ، فهو ترك البلاد وغادرها، وكان هو وزوجته فقط عليه السلام.