للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (وإذا العشار عطلت.]

{وَإِذَا الْعِشَارُ} [التكوير:٤] : العشار هي: النوق الحوامل في شهرها العاشر، وقد كانت العرب تحتفي بها وتهتم بها، وهذه الإبل من أنفس أموال العرب، ولذلك يضرب بها المثل كثيراً كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَأَن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حُمْر النَّعم) ، وقوله: (لَأَن يجلس أحدكم في المسجد يقرأ آية، خير له من ناقة) ؛ فالإبل أو النوق كانت من أنفس الأموال عند العرب، فيُمَثَّل بها، يقول سبحانه: {وَإِذَا الْعِشَارُ} : الإبل الحوامل، {عُطِّلَتْ} يعني: أهملها أهلها، فلم يلتفتوا لها؛ وذلك لانشغالهم بما هو أدهى وما هو أمر، فانشغلوا بأحوال الساعة عن أنفس الأموال وأحب الأموال إليهم وهي العشار من الإبل.

{وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} [التكوير:٥] : (حشرت) : للعلماء فيها قولان مشهوران: القول الأول: أن (حُشرت) معناها: جُمعت، {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} أي: جُمعت الوحوش، فالحشر هو الجمع، ومنه أطلق على يوم القيامة: يوم الحشر.

القول الثاني: أن (حُشرت) معناها: ماتت.

والقول الأول تشهد له الأدلة، والقائلون بالقول الثاني قالوا: إن الوحوش لا حساب عليها، وإنما تموت ولا يبقى لها أثر، والدليل على صحة القول الأول قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لتؤدُّن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء) أي: الشاة التي ليس لها قرون تقتص من الشاة التي لها قرون!! وقال سبحانه: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} [الأنعام:٣٨] أي: يُجمعون، وهذا هو القول المختار في (حُشرت) أي: جُمعت.