ويستثنى من هذا النص: الرجال المحصنون والنساء المحصنات -أي: الذين سبق لهم الزواج- وأدلة ذلك كثيرة: الدليل الأول: آية الزنا التي نسخت لفظاً وبقيت حكماً وهي: (والشيخ والشيخة إن زنيا فارجموهما البتة جزاءً بما كسبا نكالاً من الله) كانت هذه آية تتلى فنسخت تلاوتها وبقي حكمها.
الدليل الثاني: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً: الثيب بالثيب جلد مائة والرجم، والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام) .
الدليل الثالث: قول أمير المؤمنين عمر رضي الله تعالى عنه: (إن الله عز وجل بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب، وكان فيما أنزل: آية الرجم، وقد رجم النبي صلى الله عليه وسلم ورجمنا معه، وإني خشيت أن يطول بالناس الأمد فيتركوا الرجم فيضلوا بترك سنة لنبيهم -أو بترك فرض من فروض الله سبحانه وتعالى- ولقد هممت أن أثبت آية الرجم في المصحف) ، لكنه رضي الله عنه لم يكن ليفعل شيئاً تركه النبي صلى الله عليه وسلم وأجمع الناس على تركه، فحذر أمير المؤمنين عمر من التفريط في الرجم، وبين أن النبي عليه الصلاة والسلام رجم.
الدليل الرابع: أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم ماعزاً.
الدليل الخامس:(أن النبي عليه الصلاة والسلام رجم الغامدية التي جاءت وأصرت على أن ترجم، فقالت: يا رسول الله! إني زنيت، فأعرض صلى الله عليه وسلم عنها: قالت: يا رسول الله! لعلك تريد أن تردني كما رددت ماعزاً، والله يا رسول الله! إني زنيت، وإن هذا الحبل الذي في بطني من الزنا، فشهدت على نفسها، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: اذهبي حتى تضعني، فذهبت حتى وضعت، وجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالت: ها أنا قد وضعت يا رسول الله.
قال: اذهبي حتى تفطميه، فذهبت، وبعد أن فطمته جاءت به ومعه كسرة من الخبز، قالت: ها هو يا رسول الله قد فطم، فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فرجمت، فطعن فيها بعض الصحابة، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: لقد تابت توبة لو تابها أهل السماوات لوسعتهم) وفي رواية: (لو تابها صاحب مكس لوسعته) أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
فكل هذه أدلة على أن المحصن لا تعلق له بهذه الآية، إنما له حكم خاص.