للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إنكار المشركين للبعث]

قال تعالى: {وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} [الواقعة:٤٧] ، ينكرون البعث أيضاً، فكانوا يشركون بالله وينكرون البعث، وإنكار البعث بمفرده كفر، والشرك بالله بمفرده موجب للخلود في النار.

{وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} [الواقعة:٤٧] استبعاداً للبعث، وهذا يفترق به المسلمون عن غيرهم من أهل الديانات، وإن كان بعض أهل الممل كاليهود يقرون بالبعث، لكن تصورهم للبعث تصور خاطئ، فقد زعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه، وزعموا أن النار لن تمسهم إلا أياماً معدودات، أحسنوا العمل أم لم يحسنوه، قالوا بزعمهم: إن النار تمسهم سبعة أيام، وهي تلكم الأيام التي عبدوا فيها العجل، ثم يخلفهم فيها المسلمون بزعمهم! وقول الله سبحانه وتعالى: {وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} [الواقعة:٤٧] كقوله تعالى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ * أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ * إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس:٧٩-٨٣] ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (قال رجل ممن قبلكم لبنيه: أي أبٍ كنت لكم؟ قالوا: كنت خير أب، قال: فإن الأبعد لم يفعل خيراً قط، والله! لئن قدر الله عليّ ليعذبني عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين، فإذا أنا مت فحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني في اليم في يوم عاصف، فلما مات وصنعوا به ذلك أحرقوه، ثم طحنوه، ثم أخذوا ترابه في يوم عاصف، وأتوا إلى البحر فذروه في البحر فلما فعلوا به ذلك قال الله له بكلمة واحدة: كن رجلاً، فإذا هو رجل قائم بين يدي الله سبحانه، فقال الله له: ما حملك على ما صنعت؟ قال: مخافتك يا رب! فغفر الله له) .

قال الله سبحانه وتعالى: {وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَآبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ * قُلْ إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} [الواقعة:٤٧-٥٠] ، كل الأوائل والأواخر سيجتمعون في صعيد واحد كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ينفذهم البصر، ويسمعهم الداعي) داعٍ واحد يدعوهم والكل يستمعون إلى قوله، بجمع كل من كان من عهد آدم عليه السلام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، قال سبحانه: {قُلْ إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} [الواقعة:٤٩-٥٠] ، وهذا دائماً يذكر به الله في ثنايا الآيات؛ لأن التذكير بالبعث واليوم الآخر يحمل على إحسان العمل.