قال تعالى:{وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ}[النساء:١٠٢] في الآية رد على قوم متواكلين، يتركون أهليهم وذراريهم بدون طعام ولا شراب ويخرجون إلى البراري والصحاري أو غيرها ويجوعون أهاليهم ويقولون: نحن المتوكلون، فالآية فيها رد على هؤلاء؛ لأن أخذ الحذر وحمل السلاح، واكتساب الأرزاق لا ينافي التوكل.
ومن ثم ذم أهل اليمن لما كانوا يحجون من بلادهم ولا يحملون معهم الزاد والطعام، ويقولون: نحن المتوكلون، فإذا وصلوا إلى مكة في الحج سألوا الناس، فأنزل الله فيهم:{وَتَزَوَّدُوا}[البقرة:١٩٧] أي: تزودوا بالطعام والشراب {فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}[البقرة:١٩٧] .
من العلماء من قال:{فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}[البقرة:١٩٧] أي: تتقي سؤال الناس وتتقي إحراج الناس بمد يدك إليهم، ومنهم من قال: هذا إشارة إلى زاد آخر وهو زاد الآخرة، أي: أن المسلمين يتقون ربهم فهو خير زاد.
والحقيقة أن المعنيين متداخلان؛ لأن تقوى سؤال الناس تدخل في تقوى الله، ولأنك إذا مددت يدك إلى الناس لم تتق ربك بإحراجك للمسلمين على هذا النحو الذي تصنعه.
ففي قوله:{وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ}[النساء:١٠٢] ما يرد به على المتواكلين من المتصوفة ومن سار على طريقتهم.