{إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ}[النساء:١٧] من قريب أي: قبل الموت، فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال:(إن الله يقبل توبة عبده ما لم يغرغر) ، وقال عليه الصلاة والسلام:(إن للتوبة باباً مفتوحاً لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها) ، وقال:(إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها) فكلمة من قريب: قال كثير من المفسرين: أي: من قبل الموت (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ) أي: إنما قبول التوبة على الله.
والذين يتوبون هل يجب على الله أن يقبل التوبة منهم لقوله:(إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ) ؟ لا يجب على الله شيء، إنما قال سبحانه:{يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ}[العنكبوت:٢١] ، فإذا تبت وأراد الله لك العذاب عذبت، وإذا لم تتب وأراد الله لك الرحمة رحمك، إنما توبتنا من باب الأخذ بالأسباب المقربة إلى مرضاة الله سبحانه وتعالى، وقد قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء:٤٨] ، وفرعون تاب عند معاينته للموت {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[يونس:٩٠] ، فأجيب بقوله تعالى:{آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}[يونس:٩١]{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}[النساء:١٨] أليماً أي: مؤلماً موجعاً.