للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير قوله تعالى: (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ.)

قال الله سبحانه وتعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الحشر:١] (سبح) أي: نزَّه ومجَّد وعظَّم، فالمعنى: أن ما في السماوات وما في الأرض كل ذلك نزَّه الله ومجّد الله وعظَّم الله عن كل ما لا يليق به من اتخاذ الشريك، واتخاذ الصاحبة، واتخاذ الولد، ونزَّه الله عن كل نقص وعن كل عيب.

فكل شيء في السماوات وفي الأرض يسبح لله، وهذا المعنى مثبت في عشرات السور، كما قال سبحانه: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الإسراء:٤٤] ، وقال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج:١٨] ، وقال سبحانه: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} [الرعد:١٥] ، حتى الجمادات تسبِّح لله، وتنزِّه الله سبحانه وتعالى عن كل ما لا يليق به، ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في شأن الضفادع: (نقيقها تسبيح) ، والنصوص من الكتاب والسنة في هذا في غاية الكثرة، لا تكاد تُحصر ولا يأتي عليها العد.