للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (إذا السماء انفطرت.]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين.

وبعد: فنتناول سورة الانفطار والمطففين بالتفسير، والله المستعان: يقول الله سبحانه وتعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ} [الانفطار:١] من العلماء من قدر محذوفاً وهو: واذكر أيها الإنسان إذا السماء انفطرت، أي: واذكر أيها الإنسان وقت انفطار السماء.

ومعنى انفطرت أي: تشققت، ومنه قول الصحابي أن النبي صلى الله عليه وسلم: (قام يصلي من الليل حتى تفطرت قدماه) أي: تشققت قدماه، وقوله تعالى: {السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} [المزمل:١٨] أي: متشقق.

فالانفطار المراد به: التشقق، فـ {إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ} أي: إذا السماء تشققت، ولماذا تتشقق السماء؟ قال بعض أهل العلم: تتشقق السماء لنزول الملائكة، كما قال الله سبحانه: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلًا} [الفرقان:٢٥] فلا تتشقق حتى تنزل الملائكة منها، كما قال سبحانه: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ} [البقرة:٢١٠] فهذا هو سبب انفطار السماء عند بعض العلماء.

وبعضهم قال: انفطارها لأمر الله، ومن علامات الساعة الكبرى.

{وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ} [الانفطار:٢] انتثرت معناها: تساقطت، يعني: السماء تتشقق، والكواكب يرمى بها وتتساقط على الأرض.

فتخيل أن كوكباً مثلاً في حجم الأرض أو كما يقول المختصون بهذه الأمور الآن أضعاف أضعاف حجم الأرض كلها تنتثر! {وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ} [الانفطار:٢] .

{وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ} [الانفطار:٣] من العلماء من قال: (فجرت) أي: ملئت وفاضت.

ومنهم من قال: إن معنى (فجرت) : اختلط عذبها بمالحها كما أسلفنا في سورة التكوير أن البحر بينه وبين العذب برزخ كما قال تعالى: {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ} [الرحمن:٢٠] فإذا كان يوم القيامة اختلط العذب بالمالح والمالح بالعذب.

{وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ} [الانفطار:٤] أي: أثيرت وقلبت واستخرج من فيها.