للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المراد بالزينة المذكورة في الآية]

{وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور:٣١] ما المراد بهذه الزينة المذكورة في قوله تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور:٣١] ؟ لأهل العلم في ذلك أقوال: أقوى هذه الأقوال من ناحية السند وصحته قول عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قال: (إن هذه الزينة هي الرداء والثياب) فمن شأن العرب أن نساءهم كن يلبسن العباءة السوداء وتحتها ثوب ملون، فأحياناً يظهر ذيل الثوب الملون من أسفل العباءة، ويشق على المرأة ستره، فهذا الذي فسر به ابن مسعود الآية، فمن النساء الآن من تلبس العباءة السوداء وتأتي عند الرجال وتفتحها، فيرى الرجل الثوب الذي بداخلها فيفتن، فإذا كان شيء من ذلك يشق على المرأة ستره ولا تتعمد التبرج به جاز لها إظهاره، هذا قول عبد الله بن مسعود روي عنه بإسناد على شرط مسلم.

أما ابن عباس رضي الله عنهما فقد روي عنه بأسانيد في كل إسناد منها مقال وضعف، فذهب إلى أن ما ظهر منها هو الوجه والكفان.

وانتصر للقول الأول بأن الزينة التي على الشيء تكون خارجة عن أصله، فالله سبحانه وتعالى يقول: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا} [الكهف:٧] فالذي على الأرض ليس من أصل الأرض، إنما هو شيء منفصل عنها، فليكن كذلك في تفسير الثياب للزينة فهو شيء منفصل عن المرأة، فالثوب والكحل والخلخال مثلاً، كل هذه الأشياء من الزينة لأنها خارجة عن المرأة، أما وجه المرأة في حد ذاته فلا يقال: إنه زينة؛ لأنه من أصل خلقتها.

هذا الذي انتصر به بعض المفسرين بالقول الأول كـ الشنقيطي رحمه الله تعالى صاحب أضواء البيان وغيره من العلماء، واستدلوا أيضاً بقول الله تعالى: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ} [الصافات:٦] والكواكب ليست هي السماء الدنيا بل منفصلة عنها.

أما حديث: (يا أسماء! إذا بلغت المرأة المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا) وأشار إلى وجهه وكفيه فهو إسناد تالف مسلسل بالعلل، فهو من طريق الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشير عن قتادة عن خالد بن دريك عن عائشة، والوليد بن مسلم مدلس وقد عنعن، وسعيد بن بشير ضعيف، وقتادة مدلس وقد عنعن، وخالد بن دريك لم يدرك عائشة رضي الله عنها، ثم هو بعد ذلك كله هل هو قبل الحجاب أو بعده؟ في ذلك أيضاً بحث، فالإسناد لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.