للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[موقف المشركين من معجزة انشقاق القمر]

قال الله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} [القمر:٢] وهذا في الكفار، (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً) أي: معجزة، ((يُعْرِضُوا)) أي: يعرضوا عنها (وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) ، المعجزات لا تنفع من ختم الله على قلبه، ولذلك قال سبحانه: {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ} [الحجر:١٤] ، أي يصعدون {لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ} [الحجر:١٥] ، وكما قال الله سبحانه وتعالى: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} [الإسراء:٥٩] ، فقوله سبحانه: {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} [القمر:٢] يبين أن الآيات لا تنفع من أراد الله له الغواية والعياذ بالله! وقوله تعالى: {يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} أي: سحر ذاهب، أي سحر مستمر فيه صاحبه، ويعنون به: محمداً صلى الله عليه وسلم، و (مُسْتَمِرٌّ) فيها أكثر من قول، أحدها: سحر ذاهب، والثاني: سحر مستمر فيه صاحبه ألا وهو عندهم محمد صلى الله عليه وسلم.

{وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ} [القمر:٣] ، أي: كل أمرٍ من الأمور له نهاية وله استقرار كما قال سبحانه: {لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} [الأنعام:٦٧] كل خبر له نهاية وله مستقر، سواء من أخبار هذه الحياة الدنيا أو أخبار الآخرة أو الأنباء التي ذُكِرت في كتاب الله فلها وقت تتحقق فيه، فهذا يتنزل على أمور الدنيا وعلى أمور الآخرة، كل مشكلة من المشاكل في نهاية المطاف لها منتهى ولها استقرار، حتى بالنسبة لمسائلنا الشخصية، ترى الفتاة حسناء وجميلة ويتخاطفها الخطاب، وهذا ينظر، وهذا ينظر، والمشاكل حولها كثير، وما هي إلا أيام أو سنوات أو شهور، وينتهي أمرها بزواجها أو بموتها أو بذبولها أو بأي شيء من الأشياء، تنتهي قصتها ويُطوى الذكر عنها، وكذلك الشاب تراه متمرداً وذاهباً إلى هنا، وها هنا، ويعصي بهذا، ويؤذي بهذا، وفي النهاية لكل ظالم نهاية، ولكل عابث نهاية.

وكذلك أمور الآخرة التي حكاها ربنا في كتابه، ووعد بها لا بد أن يأتي وقت تتأتى فيه هذه الأمور، وتستقر فيه هذه الأنباء، قال الله سبحانه: {وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ} ، كل أمر له نهاية وله استقرار.