قوله تعالى:{لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا}[النور:٢٧] ، هذا عام في كل البيوت إلا بيتك.
فإذا كان لأمك بيتٌ مستقل، شرع لك أن تستأذن عليها؛ لأن الله فصل بيوت الأمهات عن بيوتك، فقال تعالى:{لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ}[النور:٦١] ، فإذا كان للأم بيتٌ مستقل، وجئت إليها، شرع لك أن تستأذن عليها، وإذا كانت أمك تعيش معك في البيت فالجمهور والأكثرون على أنه يستحب لك أيضاً أن تستأذن عليها، قال ابن عباس: أتحب أن تراها عريانة؟! وقال حذيفة: ما على كل أحوالها تحب أن ترى، وأبو هريرة رضي الله عنه جاء إلى أمه فاستأذن عليها كما في قصة إسلام أمه، فقالت: على رسلك! فسمع صوت اغتسالها بالماء، وإذا لم تستأذن عليها ربما رأيت ما تكره، وقد ترى منها منظراً يسيئك، ويسيئها هي الأخرى، فيشرع الاستئذان على الأم.
ويشرع الاستئذان أيضاً على الأخت، وفي الأثر أنه أتى رجلٌ إلى جابر فأمره أن يستأذن، وقال: إن لم تستأذن رأيت ما تكره! قال الله سبحانه وتعالى: {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ}[النور:٢٧] أي: الاستئذان {خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}[النور:٢٧] أي: تتعظون، فالتذكر يطلق على الاتعاظ.