قال تعالى:{وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ}[النساء:١٥٤] أي: بسبب نقضهم الميثاق، {وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْت}[النساء:١٥٤] ، فاعتدوا في السبت.
والسبت معناه الراحة والسكون، ومنه قولهم: في سبات عميق، فالسبت من معانيه الراحة، وكان محرماً على الإسرائيليين العمل يوم السبت، كما في قول الله تعالى:{وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْت}[الأعراف:١٦٣] ، وكما هنا:{لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ}[النساء:١٥٤] .
وقال تعالى:{إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ}[الأعراف:١٦٣] ، فكان الاعتداء في السبت هو اصطياد السمك والحيتان يوم السبت.
{وَقُلْنَا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْت}[النساء:١٥٤] ، فإن قال قائل: لماذا نهاهم الله سبحانه وتعالى عن الاعتداء في السبت؟ فالإجابة: أن الله عز وجل يكلف بما يشاء من التكاليف اختباراً للعباد، وأحياناً يختبرهم ويبتليهم لفسقهم، كما قال سبحانه:{كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}[الأعراف:١٦٣] ، فرب العزة سبحانه وتعالى يبتليهم لفسقهم، ويكلفهم بتكاليف ابتلاء لهم.
قال الله لهم:{لا تَعْدُوا فِي السَّبْت}[النساء:١٥٤] أي: لا تعتدوا ولا تقربوا الأعمال يوم السبت، فأقروا بذلك، فأراد الله أن يبتليهم بفسقهم، فأرسل إليهم الحيتان يوم السبت شرعاً، أي: ظاهرة على وجه الماء، قال تعالى:{كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}[الأعراف:١٦٣] فاعتدت طائفة منهم.