هنا يرد علينا بحث يتعلق بالمقولة التي اشتهرت:(الغاية تبرر الوسيلة) فهل الغاية الحسنة تبرر الوسيلة التي أصل بها إليها أم لا؟ الحقيقة أن الأمر فيه تفصيل وإن كان البعض يطلق أن الغاية لا تبرر الوسيلة، والبعض يطلق أن الغاية تبرر الوسيلة، وهذا مبحث فقهي دقيق لا يتسع المقام له الآن، ولكن نورد على كل رأي ما يعكر عليه، ونقرر في النهاية أن كل مسألة بحسبها.
فعلى سبيل المثال: يرد على الذين يقولون: إن الغاية لا تبرر الوسيلة قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من لي بـ كعب بن الأشرف؛ فإنه قد آذى الله ورسوله.
فقال محمد بن مسلمة: أنا يا رسول الله! ولكن ائذن لي أن أقول فيك قولاً) فرخص له في ذلك.
وكذلك مما ورد في هذا الصدد: ترخيص النبي صلى الله عليه وسلم في الكذب من أجل الإصلاح، إذ قال عليه الصلاة والسلام:(ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فيقول خيراً أو ينمي خيراً) فهذا من باب أن الغاية تبرر بعض الوسائل إليها.
ومن باب أن الغاية لا تبرر الوسيلة قوله تعالى وقد نقم عليهم ذلك وكانوا من الجاهلين فيه-: {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ} .
فالحاصل في هذه المسألة: أن كل مسألة بحسبها، وبحسب الملابسات المحيطة بها، ومن ثم يصدر حكم فقهي ينتظم جميع الأدلة الخاصة بهذه المسألة.