للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير قوله تعالى: (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ.)

قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء:١٣١] .

هذه هي الوصية الجامعة التي وصى الله بها أمة محمد عليه الصلاة والسلام، ووصى بها الأنبياء، ووصى بها الرجال، ووصى بها النساء، ووصى بها الناس أجمعين.

قال تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [النساء:١٣١] وهم اليهود والنصارى، (وَإِيَّاكُمْ) أي: ووصيناكم أنتم أيضاً {أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء:١٣١] فهي وصية وصى الله بها أهل الكتاب، ووصى بها النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} [الأحزاب:١] ووصى بها النساء حيث قال: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} [الأحزاب:٣٢] .

وجاءت الوصية بها في عدة آيات، وفي جملة أحاديث لا تكاد تستقصى.

وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج:١] ، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء:١] وقد تقدم تفسير التقوى، واتقوا من الاتقاء ومنه قول الشاعر: سقط النصيف ولم ترد إسقاطه فتناولته واتقتنا باليد أي: غطت وجهها بيدها.

وقال سبحانه: {وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا} [النساء:١٣١] أي: أن كفركم لا يؤثر في الله شيئاً، قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى: (يا عبادي: لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئاً) أي: إن تكفروا فاعلموا أنكم لن تعجزوا الله ولن تؤثروا شيئاً فيما عند الله سبحانه وتعالى، {فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا} [النساء:١٣١] أي: غنيّاً عنكم إن لم تتقوه، {حَمِيدًا} [النساء:١٣١] لكم إن اتقيتموه.

{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [النساء:١٣٢] .