قال تعالى:{الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ * يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا}[الطور:١٢-١٣] أي: يدفعون إليها دفعاً، {هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ * أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ}[الطور:١٤-١٥] كلام يقال لهم على سبيل التعيير والتوبيخ، {اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا}[الطور:١٦] فإن الصبر لا فائدة فيه آنذاك؛ وعدم الصبر لا فائدة فيه آنذاك، لأن العذاب واقع لا محالة، فالصبر على العذاب قد يخفف العذاب في الدنيا، واحتساب الأذى في سبيل الله قد يخفف العذاب في الدنيا، والتجلد قد يخفف العذاب، أما في الآخرة فليس كذلك، فصور التخفيف التي بها يخفف العذاب في الدنيا لا تنفع بشيء في الآخرة.
فمن صور تخفيف العذاب في الدنيا: الاشتراك في المصائب، إذا اُبتليت تأملت، فإذا رأيت بلاء غيرك أعظم من بلائك هان عليك بلاؤك، أما في الآخرة فلا ينفع هذا الاشتراك، كما قال الله سبحانه:{وَلَنْ يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ}[الزخرف:٣٩] ، كذلك الصبر قد يخفف العذاب في الدنيا ولكنه لا يخففه في الآخرة، قال أهل الكفر:{سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ}[إبراهيم:٢١] ، وهنا يقول سبحانه:{اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ}[الطور:١٦] أي: يستوي عليكم، الصبر وعدمه، {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[الطور:١٦] أي: إنما تجزون جزاء كسبكم، وجزاء عملكم.