للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الوصية السادسة: حق الجار ذي القربى]

قال الله: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى} [النساء:٣٦] والجار أيضاً له حق، (والجار ذي القربى) يعني: الجار الذي تربطك به قرابة، ويربطك به دين وتربطك به جيرة، وكم حد الجيرة؟ من أهل العلم من يقول: إن الجار إلى أربعين باباً، والحديث بهذا لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الحقيقة أن الجيرة أمر نسبي، فأنت مثلاً هنا في المنصورة تقول على الذين هم في شارعك جيران، إذا خرجت إلى القاهرة وسئلت: من أين أنت؟ تقول: أنا من المنصورة، وإذا رأيت شخصاً من المنصورة تقول: هو جاري، وإن كان بينك وبينه مسافات طويلة، إذا كنت في البرازيل أو استراليا وعرفت شخصاً من مصر أو من الشرق الأوسط قلت له: نحن من بلاد واحدة، فالأمر في الجيرة أمر نسبي، ورب العزة يقول: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا} [الأحزاب:٦٠] فأطلقت الجيرة هنا على كل أهل المدينة.

وقد جاءت النصوص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحث على إكرام الجار، والنصوص التي أتت في الحث على إكرام الجار لم تقيده بالجار المسلم، فعلى ذلك إذا كان جارك يهودياً أو نصرانياً يلزمك الإحسان إليه كذلك، مادام ليس محارباً لك، قال تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة:٨] .