قال تعالى:{فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ}[الفيل:٥] .
العصف: هو التبن على رأي كثير من العلماء، والمأكول هو الذي قد أكل منه، ومن العلماء من قال: إنه الذي أكل وأصبح روثاً، أي: العصف هو التبن وما تأكله البهائم، فالتبن بعد أن تأكله البهائم يصبح مهروساً على حاله من الإهمال.
فمنهم من قال: عصف مأكول، أي: تبن أو علف للبهائم أكل منه.
ومنهم من قال: إنه علف البهائم بعد أن أكلته فأصبح روثاً، فهكذا كان حال أبرهة وأصحابه عندما جاءت الطيور وأرسلت عليهم الحجارة، فتمزقت جلودهم وانسلخت عن عظامهم، وأصبح حالهم كالعصف المأكول.
وفي هذا بيان لقدرة الله سبحانه وتعالى على الانتقام من أعدائه ولمن أراد ببيته سوءاً، فجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عبد المطلب ومن معه من القرشيين لم يبذلوا أي شيء في الدفاع عن هذا البيت، إلا أنهم دعوا الله سبحانه وتعالى بأن يهلك العدو، فكانت هذه تقدمة بين يدي بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن ثم امتن الله على القرشيين بها، كما في السورة التي تليها، والتي جعلها بعض أهل العلم هي وسورة الفيل سورة واحد، ألا وهي سورة قريش.
وقد ذكر فريق من العلماء أن أبي بن كعب رضي الله عنه كان يجعل سورة الفيل وسورة قريش سورة واحدة ويفصل البسلمة التي بينهما، أما جمهور أهل العلم فيجعلون الفيل سورة مستقلة وسورة قريش سورة مستقلة.