للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المراد بالنذر في القرآن]

وما المراد بالنذر؟ قال فريق من أهل العلم: إن النذر هي الأشياء التي خوفهم بها لوط صلى الله عليه وسلم، وهي العقوبات التي تأتي من الله سبحانه، فحذرهم أن عقوبات الله تعالى ستحل بهم، وأن المصائب ستنزل عليهم إذا هم استمروا على فعلهم، فكذبوا بهذه النذر كما قال سبحانه.

ومن العلماء من قال: إن النذر جمع نذير، والمراد بالنذير: الرسول كما قال سبحانه: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر:٢٤] ، وعلى هذا التأويل يأتي إشكال؛ إذ كيف يقال: (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ) وهم إنما كذبوا بنبي واحد ألا وهو لوط عليه الصلاة والسلام؟ فهذا الإشكال مدفوع كما تقدم مراراً بما حاصلة: أن من يكذب بنذيرٍ واحد فقد كذب بالنذر جميعاً، وأن الذي يكذب برسول واحد فقد كذب بالرسل جميعاً، كما قال سبحانه: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء:١٢٣] ، {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء:١٠٥] ، {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء:١٤١] ، إلى غير ذلك.

فعلى هذا هناك تأويلان لتفسير قوله تعالى: (بِالنُّذُرِ) : أحدهما: أن النذر هي العقوبات التي خوَّف بها لوط صلى الله عليه وسلم قومه، فلم يبالوا ولم ينتهوا بهذه العقوبات التي حذرهم منها لوط عليه الصلاة والسلام، والثاني: أن النذر جمع نذير، والنذير هو الرسول.

{إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا} [القمر:٣٣-٣٤] ، قال بعض العلماء: حجارة تحصبهم، كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ} [هود:٨٢] ، ففسر بعض أهل العلم الحاصب بما ذُكِر في الآية الأخرى: {جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ} [هود:٨٢] .