قال الله سبحانه:{يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ}[النساء:١٥٣] ، ما هو سؤالهم الأكبر من ذلك؟ قال الله تعالى:{فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً}[النساء:١٥٣] ، وهذا في قوله تعالى:{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً}[البقرة:٥٥] أي: عياناً.
قال تعالى:{فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ}[النساء:١٥٣] ، ورؤية الله عز وجل في الدنيا جهرة مستحيلة، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(ما من نبي إلا وقد أنذر قومه المسيح الدجال، ألا إني أنذركموه، إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور، واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا) .
ولقد سأل موسى الكليم عليه الصلاة والسلام ربه الرؤية، فقال الله عز وجل:{لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا}[الأعراف:١٤٣] فرؤية الله عز وجل في الدنيا مستحيلة.
قال تعالى:{فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً}[النساء:١٥٣] أي: عياناً، {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ}[النساء:١٥٣] وهذا فيه دليل على أن السؤال أحياناً يكون فيه ظلم وإثم، مثل سؤال الكفار:(أرنا الله جهرة) فإنه اعتبر ظلماً، وقال تعالى:{فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ}[النساء:١٥٣] ، فكان ظلمهم هو طلبهم رؤية الله جهرة.
لكن قد يقول قائل وقوله حسن: إن الآيات يبين بعضها معنى بعض، فالظلم هو تعليق الإيمان على رؤية الله تعالى في الدنيا.
ولقائل آخر أن يقول: إن مجرد السؤال على هذا النحو ظلم؛ لآية النساء التي بين أيدينا:{فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ}[النساء:١٥٣] .
لكن آية البقرة بينت أن الله عفا عنهم بعد ذلك، قال تعالى:{ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[البقرة:٥٦] .