كيف نفهم نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم السبت إلا من فريضة، على رأي مَن صححه، وعن نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الجمعة إلا يوماً قبله ويوماً بعده؟
الجواب
ابتداءً إذا سقط الحديث من ناحية الإسناد فلا داعي للتكلف في الجمع.
فابتداءً حكم الإمام مالك على حديث:(لا تصوموا السبت إلا فيما افتُرِض عليكم) أنه كذب، قال الإمام مالك: هذا حديث كذب، وقال أبو داوُد: هذا حديث ضعيف، وقال النسائي: هذا حديث مضطرب، وضعَّفه غيرُ هؤلاء عددٌ كبير من أهل العلم وأطبقوا على هذا.
والعلة التي لعلها خفيت على بعض العلماء: أن الحديث -على ما أذكر الآن إن لم يكن دخل عليَّ حديثٌ في حديثٍ- في إسناده يونس، ويونس معروفٌ أنه ثقة؛ لكن يقول الإمام أحمد في بعض مقالاته: اطلعت على كتاب يونس فلم أرَ هذا الحديث في أصل كتابه، فهذه المقولة من أحمد جعلتنا نوقِّر كلام الإمام مالك لما قال: هذا الحديث حديثٌ كذبٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلعل بعض المحققين لم يلتفت إلى هذه النقطة التي نقلها الإمام أحمد حيث قال: لم أرَ هذا الحديث في أصل كتاب يونس، ومن ثم قال مالك: إنه كذب.
فضلاً عن هذا فهناك الأحاديث المعارضة له التي في الصحيحين وغيرهما، ففي صحيح مسلم:(لا تصوموا الجمعة إلا يوماً قبله أو يوماً بعده) فقد يكون سبتاً.
وحديث عبد الله بن عمرو في الصحيحين:(صم يوماً وأفطر يوماً فذاك أحب الصيام إلى الله) ولم يأمره باستثناء سبت ولا أحد ولا جمعة ولا غير ذلك.
فرأينا أن الحديث ضعيف، والحمد لله النفس مطمئنة إلى ذلك تماماً.
أما إذا أردنا أن نلتمس التماساً لمن قال بحسن الحديث من المتأخرين، فيقال: إن المنهي عنه -والله أعلم- تخصيص السبت بالصيام؛ لأنك إذا خصصت السبت بالصيام كدت أن تشارك اليهود، لما قال الله لهم:{لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ}[النساء:١٥٤] .