للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (وما تفرق الذين أوتوا الكتاب.]

قال الله تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة:٤] هل البينة تكون سبباً للفرقة؟ وهل العلم يكون سبباً للفرقة؟ نعم.

في كثيرٍ من الأحيان يكون العلم سبباً للفرقة، فما تفرقوا حتى جاءهم العلم، لكن العلم ليس سبباً في نفسه، بل الحسد هو الحامل على ذلك كما قال الله: {وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} [الشورى:١٤] ، كان الناس كلهم قبل مجيء البينة في ضلال، قويٌ يستضعف فقيراً، قويٌ يستعبد ضعيفاً، غنيٌ يستعبد فقيراً، وهكذا تسير الأمور، استعباد واستذلال، فلما جاءت البينة آمرة بالمساواة بين الغني والفقير، والقوي والضعيف، مانعة للقوي من التسلط على عرض الضعيف، وعلى ماله، {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [آل عمران:٦٤] لما جاءت البينة آمرةً بذلك، أبى أهل الكفر، وأبى الملأ المستكبرون هذه البينة، ورفضوها فحصلت الفرقة حصلت الفرقة بين أقوامٍ رضوا بالبينة وأقوام رفضوا هذه البينة.