[الجمع بين الأمر بترك صيام آخر شعبان وفعل النبي صلى الله عليه وسلم]
السؤال
حديث:(إذا انتصف شعبان فلا تصوموا) ، وحديث:(كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله) وفي الرواية الأخرى: (إلا قليلاً) كيف يمكن التوفيق بينهما؟
الجواب
حديث:(إذا انتصف شعبان فلا تصوموا) الراجح بلا تردد أنه ضعيفٌ لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا قول يحيى بن معين، وقول الإمام أحمد بن حنبل، وقول ابن عدي رحمه الله تعالى، وقول طائفة كبيرة من أهل العلم، وقد اعتبروه من الأحاديث التي استنكرت على بعض رواته وهو العلاء بن عبد الرحمن، ومن العلماء من حسن الحديث بناء على أن الحديث من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة، وهذا الإسناد مركب عليه عدة أحاديث في صحيح مسلم، لكن هذا الحديث بالذات ليس في مسلم، فقالوا: إسناده حسن، لكن العلماء الذين ضعفوه قالوا: هذا الحديث من الأحاديث التي أخذت على العلاء.
يعنى: قد يكون الراوي ثقة، لكن لا ينفي بعض الأحاديث، فقالوا: من الأحاديث التي استنكرت على العلاء هو هذا الحديث، ومن العلماء من ضعف العلاء مرة واحدة بسبب روايته لهذا الحديث، من الذين ضعفوه يحيى بن معين، والإمام أحمد، وابن عدي رحمه الله تعالى، وغيرهم جمع كبير من العلماء.
إذاً: لا إشكال، فالباب قد فرغ بحديث:(كان يصوم شعبان كله إلا قليلاً) ومما يدل على تضعيفه أيضاً: (أن النبي نهى عن صيام يوم الشك إلا إذا وافق صوم أحدكم) فمعنى ذلك قد يوافق صوم أحدكم يوم الشك، فإذا كنت تصوم الإثنين والخميس وجاء يوم الشك يوم الإثنين، فصم يوم الإثنين ولا شيء عليك، وهذا يوم الشك يعني يوم الثلاثين من شعبان وهو بعد منتصف شعبان، لكن أيضاً يلتمس الجمع لمن حسنوه، ووجه الجمع: أن النهي في قوله: (إذا انتصف شعبان فلا تصوموا) ليس النهي للتحريم، ولكن للتنبيه، فالمعنى: من كان يشق عليه أن يواصل صيام النصف الثاني من شعبان برمضان، يعني إذا صمت مثلاً خمسة عشر يوماً من النصف الثاني من شعبان، فيأتي رمضان ويشق عليك المواصلة، فلا تصم هذه الأيام حتى تتفرغ وتتقوى للفريضة، أما من استطاع أن يصوم هذه الأيام مع رمضان، فليصمها، على فرض تحسين الحديث، والله سبحانه أعلم.