من ابتلي بشيء من هذه القاذورات: فهل يبحث عن شخص يقيم عليه الحد، أو يذهب للإمام يقيم عليه الحد، أم الأولى له أن يستتر؟ الظاهر والعلم عند الله: أن الأولى له أن يستتر ولا يحدث أحداً من الناس؛ وذلك لأن ماعزاً لما أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: إنه قد زنى، أعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فاتجه إلى الشق الآخر من وجه رسول الله عليه الصلاة والسلام، فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الناحية الأخرى مراراً، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لعلك قبّلت، لعلك لمست أو لعلك كذا.
ولعلك، ومع ذلك يصر ماعز على أن يقام عليه الحد.
وفي بعض الروايات -التي ينظر في إسنادها- أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال لبعض من أبلغه خبر ماعز:(هلا سترته بثوبك) ، ويدل على الستر أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم:(كل أمتي معافى إلا المجاهرون، قيل: ومن المجاهرون يا رسول الله؟ قال: الرجل يذنب الذنب في الليل فيصبح وقد ستره الله عليه يتحدث في الناس عملت كذا وكذا البارحة) فهذا غير معافى، ويدل على الستر أيضاً:(إن الله حيي ستير -أو- إن الله يحب الستر) .
ويدل على أفضلية الستر أيضاً: عموم قول النبي عليه الصلاة والسلام: (من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة) فعلى من ابتلي بشيء من ذلك أن يستتر ويستغفر الله عز وجل، خاصة في زماننا الذي عطلت فيه الحدود فإلى من ستذهب، ولن ينالك من الناس إلا الفضحية، والستر مأمور به، فعلى ذلك: إن ابتليت امرأة -والعياذ بالله- بالزنا، وكانت بكراً، وتقدم شخص للزواج بها فاختار بعض العلماء -وهم الأقل- أنها تستر على نفسها فالله حيي ويحب الستر سبحانه وتعالى، ولا يأتيها مفسد، ولا يأتيها رجل قليل الفقه بزعمه ويقول له: اذهبي فقولي للزوج إنك زنيت! فهل رب العزة يحب منك هذه الفضائح؟! كلا فمن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، وقد سمعتم قول النبي صلى الله عليه وسلم في شأن ماعز:(هلا سترته بثوبك) .