بسم الله الرحمن الرحيم باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
وبعد: فسورة التحريم سورة مدنية، يقول الله سبحانه وتعالى فيها:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[التحريم:١] .
قوله:(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ) ، خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم يراد به هو، وتراد به أمته من بعده، فلا ينبغي لأحد أن يحرم شيئاً أحله الله سبحانه وتعالى ابتغاء مرضاة أي شخص كان، وقد عاتب الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم هذا العتاب، كما عاتبه في سورة عبس في قوله سبحانه وتعالى:{عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى}[عبس:١-٣] ، لما أقبل النبي صلى الله عليه وسلم على صناديد قريش وترك عبد الله بن أم مكتوم، فعاتب الله النبي هذا العتاب، وهنا عتاب آخر لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله فيه:(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) .
فلا ينبغي أن تطغى العاطفة على ديننا، ولا ينبغي أن يطغى الحب على الشرع، بل الشرع فوق كل شيء، وفوق كل أحد، ومحبة الشرع فوق كل محبة، فلا ينبغي أن تحرص على مرضاة أزواجك وتحرم على نفسك شيئاً أحله الله سبحانه وتعالى لك، أو تحل شيئاً حرمه الله سبحانه وتعالى عليك.
وفي تذييل الآية بقوله تعالى:(وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) حث على الاستغفار، فإذا كان هذا قد صدر منك، وأحللت شيئاً أو حرمت شيئاً ابتغاء مرضاة أزواجك فباب التوبة مفتوح، فاستغفر الله من ذلك؛ فالله سبحانه غفور رحيم.