[الرد على شبهة الإقرار بدين الكفار في قوله تعالى:(لكم دينكم ولي دين)]
هل في الآية الكريمة:{لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}[الكافرون:٦] بأنهم يقرون على دينهم ولا يعترضون؟ الآية وإن فهم منها ذلك، لكن جاءت آيات أخر بعدها تضيق في ذلك بل تنفيه، قال الله سبحانه وتعالى:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}[التوبة:٢٩] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإن فعلوا ذلك؛ فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله) .
وقال تعالى:{فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}[التوبة:٥] فالمفهوم: إذا لم يتوبوا ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة؛ فلا تخلوا سبيلهم.
فإن فهم من الآية أن الكفار يقرون على كفرهم ولا يمسون بسوء من دول الإسلام، فهذا مدفوع بما ذكرنا من الآيات.
أما إن قيل: إن معنى الآية الكريمة: أنتم لكم دينكم وجزاء دينكم أو وجزاء عبادتكم، فالدين أحياناً يحمل على الجزاء؛ فإن حمل على أن المعنى لكم دينكم، أي: جزاؤكم على كفركم، ولي جزائي على إيماني، فهو معنى صحيح، وتشهد له آيات متعددة لقوله تعالى:{أَئِنَّا لَمَدِينُونَ}[الصافات:٥٣] ، وقوله:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة:٤] ، وحديث:(كما تدين تدان) إلى غير ذلك.
وإن قيل:{لَكُمْ دِينُكُمْ}[الكافرون:٦] أي: لكم عبادتكم وستجازون عليها، ولي عبادتي وسأجازى عليها، وليس فيه تعرض للمعاملات الدنيوية؛ فهو أيضاً له وجه قوي.