للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ألم نجعل الأرض كفاتا)]

{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا} [المرسلات:٢٤-٢٥] والكفات مأخوذة من كفت الثوب، وقد نهي النبي عليه الصلاة والسلام عن كفت الثوب والشعر في الصلاة، والكفت أو الكف ثني الثوب بطناً لظهر أو ظهراً لبطن.

فقوله: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا} [المرسلات:٢٥] أي: ضامة وآوية لكم في حياتكم وبعد مماتكم فإذا متم دفنتم في الأرض، وإذا حييتم عشتم على ظهرها، فهي كافية لكم، وآوية لكم، وضامة لكم، وحاضنة لكم في حياتكم وبعد مماتكم، فمعنى الكفت الضم، فنحن بعد الموت ندفن في الأرض وفي حياتنا نمشي عليها.

{أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا} [المرسلات:٢٦] ، لكن يوم القيامة ليس الأمر كذلك، فالأرض كما قال تعالى: {وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ} [الانشقاق:٣] فبعد أن كانت ضامة لك فإنها تفرد وترميك على ظهرها، {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ} [الانشقاق:٤] تخلت عن المسئولية أمام الله سبحانه، وتبعثر كل ما في باطنها ولا تقبل شيئاً في باطنها، ففي زمن الحياة الدنيا كانت كفاتاً، وأما في يوم القيامة فلن تكون كذلك، فلا تؤوي أحداً، فإذا أراد أحد أن يفتح فيها فتحة ويدخل فيها لم تقبله.

{أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً} [المرسلات:٢٥-٢٦] في حياتكم {وَأَمْوَاتًا} [المرسلات:٢٦] أي: بعد مماتكم.

{وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ} [المرسلات:٢٧] أي: جبال شاهقات.

{وَأَسْقَيْنَاكُمْ} [المرسلات:٢٧] أي: منها {مَاءً فُرَاتًا} [المرسلات:٢٧] أي: عذباً زلالا.

{وَيْلٌ يوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} [المرسلات:٢٨] أي: لمن يكذبون بهذه النعم وهذه الحقائق.