المهدي توسع فيه المتوسعون، ونفاه أيضاً آخرون، والتوسط فيه: ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل الوارد فيه أحاديث محصورة محدودة جداً: منها: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يخرج رجلاً يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه يواطئ اسم أبي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً) ، وهذا الحديث ليس فيه ذكر اسم المهدي.
والحديث الثاني في صحيح مسلم:(كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم منكم) ففي الحديث أن إمامنا يأتي يقدم عيسى عليه الصلاة والسلام للصلاة بالناس فيقول عيسى: لا، بعضكم على بعض أئمة، كرامة من الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة.
وحديث ثالث في نفس المعنى.
فهذا الذي يحضرني في شأن المهدي.
وقد زاد ناس جملة أحاديث أخر في غاية الكثرة في شأن المهدي ولم تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآخرون نفوا كل الأحاديث متبعين الظن وتاركي سنة النبي صلى الله عليه وسلم، والصواب التوسط فيه والوقوف مع الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمثلاً: جاءت أوصاف في شأن المهدي (أنه أقنى الأنف، وأجلى الجبهة) لكن هذا الحديث لا يثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأكثر الأوصاف التي وردت فيه لا تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وورد حديث آخر:(إذا رأيتم الرايات السود مقبلة من قبل خراسان، فاعلموا أن فيها خليفة الله المهدي) الحديث من ناحية الإسناد، إسناده ثابت، لكن بعض أهل العلم يرى أن به بعض العلل، وقد نفاه بعض (الدكاترة) في الجامعات، وفي الحقيقة أن (دكاترة) الجامعات مشاربهم في أكثر أحوالها من المعتزلة، فهم يشربون من شراب المعتزلة الفكري والعقلي، ويتركون في أكثر أحوالهم وأحيانهم سنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.