قال سبحانه:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا}[النور:٥] ، فضم إلى التوبة الإصلاح، وهذا إذا كان الذنب يتعلق بالعباد فينبغي أن ترد المظلمة إلى العباد، ولا يكفي فيه أن تقول:(أستغفر الله) ، في نفسك، فإذا قال شخص: إن فلانة من الناس قد زنت -عياذاً بالله من ذلك- وهو يكذب عليها بقولته هذه، فإنه لا يكفيه أن يقول: أستغفر الله، بل عليه أن يظهر براءتها من التهمة التي نسبت إليها.
ما هي صورة الإصلاح في قوله تعالى:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا} ؟ من العلماء من قال: إن الإصلاح يستلزم أن يكذب الرجل الرامي نفسه.
ويقول: هي ما زنت، وأنا كذبت عليها، وقد اشترط ذلك بعض العلماء، وقال آخرون: يكفي أن يسير بسيرة حسنة في الناس.
ولقد ورد في عدة تراجم لـ أبي بكرة رضي الله عنه أنه رمى مع ثلاثة من الشهود -كما أسلفنا- المغيرة بن شعبة بالزنا، فتعثرت إقامة الشهادة فجلدوا ثمانين جلدة وردت شهادتهم، أما ثلاثة منهم فكذبوا أنفسهم بعد ذلك، وأبى أبو بكرة رضي الله عنه إلا أن يصر على موقفه الذي رآه، وورد بأسانيد ينظر فيها أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه كان يطلب منه أن يكذب نفسه حتى تقبل شهادته ولكنه كان يصر على ما رأى وقال والله تعالى أعلم.