للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلبه عليه، بل كرهه ونفِر منه فهذا معفوّ عنه، وهو كالوساوس الرديئة التي سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنها فقال: "ذاك صريحُ الإيمان" (١).

• ولما نزل قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} (٢) - شق ذلك على المسلمين وظنوا دُخولَ هذه الخواطر فيه؛ فنزلت الآية التي بعدها وفيها قوله: {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} (٣) فبينت أن ما لا طاقة لهم به؛ فهو غيرُ مؤاخَذٍ به ولا مكلّفٍ به.

وقد سَمَّى ابنُ عباس وغيرهُ ذلك نَسْخًا.

ومرادُهم أن هذه الآية أزالت الإبهامَ الواقع في النفوس من الآية الأولى.

• وبينت أن المراد بالآية الأولى: العزائم المصمَّمُ عليها.

ومثل هذا كان السلف يسمونه نسخًا.

[[العزائم]]

• القسم الثاني: العزائم المصَمَّمة التي تقع في النفوس، وتدوم، ويساكنها صاحبها.

[[وهي نوعان: الأول]]

• فهذا أيضًا نوعان: أحدهما: ما كان عملًا مستقلًا بنفسه من أعمال القلوب كالشكِّ في الواحدانية أو النبوَّةِ أو البعث، أو غير ذلك من أصول (٤) الكفر والنفاق (٥) أو اعتقاد تكذيب ذلك فهذا كله يعاقَبُ عليه العبدُ ويصير بذلك كافرًا ومنافقًا.

• وقد روي عن ابن عباس: أنه حمل قوله تعالى: - {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} (٦) على مثل هذا.

• وروي عنه حَمْلُها على كتمان الشهادة كقوله: {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} (٧).


(١) أخرجه مسلم في صحيحه: ١ - كتاب الإيمان: ٦٠ - باب بيان الوسوسة في الإيمان ١/ ١١٩ ح ٢٠٩ - (١٣٢) من حديث أبي هريرة بمثله وح ٢١١ - (١٣٣) من حديث عبد الله بن مسعود بنحوه وأخرجه ابن حبان من حديثيهما في صحيحه ح ١٤٥، ١٤٦، ١٤٨، ١٤٩.
(٢) سورة البقرة: ٢٨٤.
(٣) سورة البقرة: ٢٨٦.
(٤)، (٥) ليست في م.
(٦) من الآية ٢٨٤ من سورة البقرة وانظر الطبري ٦/ ١١٣.
(٧) من الآية ٢٨٣ من سورة البقرة وانظر الطبري ٦/ ١٠٢ ح ٦٤٤٩، ٦٤٥٠ من حديث ابن عباس و ٦٤٥١ - ٦٤٥٥ من حديث عكرمة والشعبي وابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>